لون البول
اختلاف لون البول ودلالاته المرضية
يتمتع البول، في أغلب الأحيان، بلون أصفر فاتح لأنه يحتوي على "يوروكروم" urochrome (صبغة البول)، وهي واحدة من المركبات الناتجة عن تحلل الهيموغلوبين، البروتين الذي يوجد في كريات الدم الحمراء ويقوم باكتساب الأكسجين الذي
يتم نقله مع الدم إلى كل أنحاء الجسم.
ولكن قد يتحول لون البول في بعض الأحيان، إلى لون مختلف تماما. ويمكن للرجال ملاحظة الاختلاف بعد تبولهم في المرحاض، بينما تلاحظه النساء عند المسح بالمنشفة. وتؤدي رؤية لون البول الأحمر، أو البرتقالي، بدلاً من لون البول الأصفر المعتاد، إلى
الشعور بالقلق خصوصا إذا صاحبتها أعراض مثل الشعور بالحرقة أو الألم أثناء التبول. وهذا القلق له ما يبرره، إذ يمكن أن يكون اللون المختلف علامة على وجود مشكلة طبية خطيرة. ولذا ينبغي استشارة الطبيب بهذا الشأن.
ولكن أطباء الاختصاص يقولون لا يتوجب علينا "كبس زر الإنذار"، فقد يكون لون البول المختلف ناجما عن تناول بعض أنواع الطعام، أو الأدوية، كما أن ألوان البول - فيما عدا اللونين الأحمر والبرتقالي - ليست معتادة البتة.
وإليكم بعض أنواع ألوان البول، ومعناها من الناحية الطبية:
اللون الأصفر الغامق:
يحتوي البول على ماء, إضافة إلى النواتج التي تلفظها الكليتان بعد تصفيتها من الدم. وإن تحول لون البول إلى الأصفر الغامق، يحتمل أن يكون محتويا على ماء أقل وعلى نواتج ملفوظة أكثر من المعتاد، وهو الأمر الذي يمكن أن يشير إلى جفاف الجسم وعدم
تناول كميات كافية من السوائل.
اللون الأحمر:
وفقا لمقولة «مراجعة حول لون البول غير المعتاد» نشرت في مجلة «ساوثرن ميديكال جورنال» الامريكية العام الماضي، فإن اللون الأحمر في البول، يمكن أن يتراوح في ظلاله بين اللون الوردي والأحمر الغامق.
ويمكن لاختبار بسيط تحديد ما إذا كان اللون الأحمر راجعا إلى وجود دم في البول وقد يتحول البول إلى اللون الأحمر إذا احتوى على الميوغلوبين myoglobin وهو بروتين يرتبط بالأكسجين في خلايا العضلات مشابه للهيموغلوبين الموجود في كريات الدم
الحمراء.
ويمكن أن تؤدي أية مشكلة من المشكلات التي تحدث للجهاز البولي (الذي يشمل الكليتين والحالبين، والمثانة والإحليل) إلى نزول الدم في البول.
وتضم القائمة حصى الكلية، عدوى المثانة وسرطان المثانة، ولدى الرجال تضخم غدة البروستاتا (تضخم البروستاتا الحميد)
كما أن التمارين الرياضية الشديدة قد تؤدي إلى نزول الدم في البول. وسبب ذلك غير مؤكد، إلا أنه قد يكون ناجما عن عمل يؤدي إلى حدوث أضرار في المثانة. ويوجد احتمال آخر لها وهو أن تمارين «الآيروبيك» يمكنها أن تؤدي إلى تفكيك خلايا الدم
الحمراء.
وكذلك فإن المشكلات الصحية الموروثة يمكنها أيضا أن تؤثر على كريات الدم الحمراء وعلى الهيموغلوبين، مثل مرض فقر الدم المنجلي(sickle - cell anemia) والثلاسيميا (thalassemia) اللذين يسببان نزول الدم إلى البول. كما تؤدي جملة
من الأمراض النادرة التي تعرف بالاسم الإجمالي لها «البورفيريات» porphyrias إلى إضفاء الاحمرار على لون البول أو تحويله إلى اللون البني.
ويذكر الأطباء سبباً غير ضار إطلاقا لتحول لون البول إلى الأحمر يطلق عليه «البول البنجري» beeturia الذي يمكن أن يظهر بعد تناول البنجر (الشمندر). وتسمى الصبغة المسؤولة عنه «بيتالايين» betalain التي تفقد لونها داخل الجسم. ويقود
نقص الحديد وتناول البنجر مع طعام يحتوي على الأوكساليت إلى ظهور «البول البنجري» في البول.
اللون البني أو الأسود:
وإن كان لون البول الأحمر داكنا فإنه سيشبه اللون البني بل وحتى اللون الأسود. وفي هذه الأحوال فإن أسباب وجود اللونين البني والأسود هي نفسها التي تقود إلى ظهور لون البول الأحمر.
إلا أن البول -حسب الأطباء- يمكن أن يتحول إلى اللون البني حقيقة. إذ يمكن أن يزداد تركيز «بيليروبين» bilirubin وهو ناتج آخر من نواتج تحلل الهيموغلوبين - في الدم بسبب مشكلة في الكبد، مثل التهاب الكبد أو تشحمه، أو بسبب انسداد قناة
الصفراء نتيجة انحشار الحصى فيها أو بسبب ورم أو أي مسائل معوقة. وإن وصل جزء من الزيادة في مادة «بيليروبين» إلى البول، فإن لونه قد يتحول إلى لون قريب من اللون البني.
كما يؤدي فقر الدم الانحلالي (hemolytic anemia)، الذي يحدث عندما تقوم الكثير من كريات الدم الحمراء بالتفكك في وقت واحد، أيضا إلى زيادة مادة «بيليروبين» التي قد تؤثر على لون البول.
وأخيرا فإن الورم القتام (melanoma)، وهو أخطر أنواع سرطان الجلد، بمقدوره في حالات نادرة المساعدة في تغلغل الميلاتونين - وهو صبغة الجلد الغامقة - إلى مجرى الدم، لكي تنتهي ربما في البول.
أما الأطعمة التي تؤدي إلى تحويل لون البول إلى اللون البني فتضم فول الفافا fava beans المماثل للفول والراوند rhubab.
اللون البرتقالي:
يمكن أن يؤدي تناول عدد من الأدوية إلى تحويل لون البول إلى اللون البرتقالي.
ومن تلك الأدوية "ايزونيازيد" isoniazid وهو دواء رئيسي لعلاج السل، ودواء "ريفامبين" rifampin كذلك لعلاج السل، والجرعات العالية من دواء "ريبوفلافين" riboflavin و فيتامين "بي" ودواء "فينازوببيريدين" phenazopyridine
"بيريديوم" Pyridium المستخدم لعلاج عدوى الجهاز البولي لغرض تخفيف آلام التبول. كما أن تناول كميات كبيرة من الجزر يؤدي إلى ظهور اللون البرتقالي.
اللون الحليبي - الأبيض:
تحول عدوى الجهاز البولي البول في بعض الأحيان إلى اللون الحليبي - الأبيض بعد أن تؤدي إلى حدوث رد فعل مناعي يقود إلى تدفق أعداد كبيرة من كريات الدم البيضاء.
أما الأسباب الأخرى لظهور اللون المائل للأبيض في البول فتشمل تكون بلورات حمض اليوريك عند تناول الأطعمة الغنية بالبيورينات مثل أسماك الآنشوفة ((anchovies)) والرنجة( herring) ، واللحوم الحمراء (لحوم الغنم والبقر) وكذلك
بلورات الفوسفات الناتجة عن فرط إفراز هرمون الغدة جارة الدرقية.
اللون الأزرق:
يمكن لمادة المثيلين الأزرق ( methylene blue) وهي صبغة تستعمل في اختبارات التشخيص، أن تحول البول إلى اللون الأزرق.
وتتسم هذه المادة بخصائص مضادة للميكروبات ولهذا فإنها توجد أحيانا في تركيب الأدوية والعلاجات المنزلية.
كما تستخدم لوحدها في علاج بعض الحالات النادرة.
كما تؤدي مشكلات صحية متوارثة مثل «متلازمة الحفاظ الأزرق (blue diaper syndrome)
اللون الأخضر:
إن دخلت صبغة زرقاء إلى البول فإن لونه يصبح أخضر غالبا، بعد امتزاج الأزرق مع صبغة البول الصفراء المعتادة.
ولا يحدث هذا الأمر يوميا، إلا أن هناك الكثير من الحالات تسببت فيها أدوية في ظهور اللون الأخضر للبول، ومنها دواء «بروبوفول المخدر، دواء سيميتيدين لحموضة المعدة، ومضاد الكآبة ثلاثي الحلقات أميتريبتيلين كما أن تناول الهليون يضيف أحيانا
ظلالاً خضراء غير ضارة على البول. إلا أن لون البول الأخضر يمكن أن يكون علامة على عدوى الجهاز البولي أو على تغلغل بكتريا في الدم( bacteremia).
اللون الأرجواني:
وهو لون البول الوحيد الذي يرتبط باسم متلازمة خاصة به وهي "متلازمة كيس البول الأرجواني" وهي تظهر عندما يوضع كيس بول او ما يسمى بالقسطرة لشخص ما لأغراض التبول.
وتقوم البكتريا التي تستوطن القسطرة أو كيس البول أو كليهما بإفراز مركب يسمى إنديروبين وهو ذو لون أحمر، وأزرق غامق، يمتزجان ليكونا اللون الأرجواني اللامع.
يحدث التغيُّرُ غير الطبيعيّ للون البول لأسباب عديدة. ويمكن في بعض الحالات رؤيةُ تغيُّر غير معتاد في لون البول بسبب التأثيرات الجانبية التي قد تحدثها بعضُ الأدوية، أو بسبب تناول بعض الأطعمة، أو التجفاف، أو بعض الحالات الطبِّية مثل مرض الكبد. وفي حالة عدم التمكُّن من تحديد سبب التغيُّر غير الطبيعي في لون البول، ينبغي زيارة الطبيب من أجل معرفة السبب، والحصول على العلاج المطلوب.
بعض حالات التغيُّر غير الطبيعي في لون البول وأسبابها
إنَّ لتغيُّر لون البول غير الطبيعي أسباباً عديدة، فمنها ما يحدث لأسباب غير ضارَّة ومؤقتة مثل تناول بعض الأطعمة أو بعض أنواع الأدوية. وقد يكون نتيجةً لأسباب أكثر خطورة ، فقد يشير لونُ البول غير الطبيعي إلى وجود حالة طبِّية خفيّة أو كامنة ينبغي علاجُها.
اللون الأحمر أو الوردي
قد يكون تلوّنُ البول باللون الأحمر أو الوردي ناجماً عن وجود الدم فيه، وهو ما يحدث عند الإصابة بعدوى أو مرض كلوي أو سرطان، أو تضخُّم البروستات لدى الرجال.
هناك بعضُ الأطعمة التي قد تغيِّر لونَ البول إلى اللون الوردي أو الأحمر، مثل التُّوت الأسود و البنجر (الشمندر) والراوند.
إضافة إلى ذلك، فإنَّ المضادَّ الحيوي ريفامبين rifampin ودواء بايريديم pyridium (وهو عقار مسكِّن لألم المسالك البولية) والمليِّنات التي تحتوي على مكوِّن السَّنا، تؤدِّي جميعها إلى تغيُّر لون البول إلى اللون الوردي أو الأحمر
وعلاوةً على ذلك، فإن التسمُّمَ الناتج من مادَّتي الرصاص والزئبق يؤدِّي إلي اصطباغ البول باللون الأحمر.
اللون البرتقالي
غالباً ما ينجم تغيُّرُ لون البول إلى البرتقالي عن تناول بعض الأدوية. وهذه الأدويةُ تشتمل على الريفامبين والبايريديم والمليّنات ودواء السَلفاسالازين sulfasalazine (مضادّ للالتهاب)، وبعض أدوية العلاج الكيميائي.
كما أنَّ هناك بعض الحالات المرضية التي ينتج عنها اصطباغُ البول باللون البرتقالي؛ فقد ينجم ذلك عن مشكلة في القنوات الصفراوية أو في الكبد، وخاصَّة إذا ترافق بتغيُّر في لون البراز ليصبح فاتحَ اللون. ويجب أن نذكرَ هنا أيضاً أنه عندَ الإصابة بالتجفاف، فقد يصبح البول برتقاليَّ اللون لشدَّة تركيزه.
اللون الأزرق أو الأخضر
يمكن للملوِّنات أو الأصبغة الغذائية أن تُحدثَ تغيُّراً في لون البول، بحيث يصبح لونه أزرقَ أو أخضر. كما أنَّ الأصباغَ التي تُستخدَم في بعض اختبارات الكلى والمثانة قد ينتج عنها تحوُّلُ لون البول إلى الأزرق أو الأخضر.
وكذلك، فإنَّ بعضَ الأدوية قد تحدث هذا التغير في لون البول، ومنها دواء إندوميثاسين indomethacin (دواء مضادّ للالتهاب) ودواء أميتريبتيلين amitriptyline (دَواء مُضادّ للاكتِئاب) والبروبوفول propofol. وهذا ينطبق أيضاً على بعض أشكال الفيتامينات "المستحضرات مُتَعَدِّدة الفِيتامينات multivitamins" .
ويظهر البولُ باللون الأخضر في حالات أقلّ شيوعاً، وقد ينجم ذلك عن عدوى المسالك البولية ببكتيريا الزائفة pseudomonas bacteria؛ أمَّا الأمراضُ الوراثية النادرة التي تؤدِّي إلى فرط كالسيوم الدم hypercalcemia (وجود كمية كبيرة جداً من الكالسيوم في الدم) فهو تحوِّل البولَ إلى اللون الأزرق.
اللون البني الداكن
يمكن لتناول الكثير من الفول أو الصبَّار أو الراوند أن يغيِّرَ لونَ البول إلى البني الغامق.
وإضافة إلى ذلك، فإنَّ أدويةَ مرض الملاريا مثل البريماكين primaquine والكلوروكين chloroquine، والمضادَّين الحيويَّين نِتروفُورانتُوين nitrofurantoin ومِترونيدازول metronidazole، تحوِّل البولَ إلى اللون البني الداكن أيضاً. ويمكن لمُرخي العضلات مِيثُوكاربامول methocarbamol والمليّنات التي يدخل في تركيبها الكَسكارَة cascara أو السَّنا أن تضفي على البول لوناً مائلاً إلى البنِّي.
قد تؤدِّي بعضُ حالات عدوى المسالك البولية واضطرابات الكبد أو الكلى إلى تحوُّل لون البول إلى البني.
اللون الأصفر الداكن
إذا كان التغيُّر اللوني في البول يقتصر فقط على تحوُّله إلى لون داكن أكثر من المألوف، فقد يكون الشخصُ مصاباً بالتجفاف، حيث إنَّ زيادةَ تركيز المركَّبات التي يحتوي عليها البول تؤدِّي إلى تحوُّله إلى اللون الداكن.
طلب مساعدة الطبيب
يجب زيارةُ الطبيب عندما يعجز الشخصُ عن تفسير التغيُّر غير الطبيعي في لون البول، سواءٌ أكان نتيجة لتناول طعام معين، أم كأثر جانبي لتناول أحد الأدوية، أم بسبب الإصابة بالتجفاف. ويجب أن ننوِّهَ إلى أنَّ بعضَ الأسباب الخفية لتحوُّل لون البول إلى الداكن أو لون غير طبيعي قد تشير إلى وجود أمراض مهمَّة تتطلَّب المعالجة.
من جهةٍ أخرى، فإنَّه من الضروري جداً أن يقوم الشخصُ بزيارة الطبيب إذا اشتبه بوجود دم في البول. كما أنَّه من الضروري أيضاً أن يُراجع الطبيبَ عندَ تغيُّر لون البول إلى البني الداكن مع شحوب لون البراز أو وجود اصفرار في لون الجلد والعينين.
ما هو متوقَّع في أثناء زيارة الطبيب؟
من المحتمل أن يقومَ الطبيبُ بفحص سريري للمريض، وقد يطلب منه تزويدَه بعيِّنة من البول لإرسالها إلى المختبر. كما قد يطرح عليه مجموعةً من الأسئلة حولَ مشاهداته فيما يخصُّ التبوُّل، مثل مشاهدة جلطات دموية في البول، وكم استمرَّ ظهورُ اللون غير المعتاد فيه، وهل هناك روائح غريبة تنبعث منه، وغير ذلك من الأعراض التي قد يكون مرَّ بها المريضُ في أثناء التبوُّل. كما يسأل الطبيبُ عن الأدوية التي يتناولها المريضُ في الوقت الراهن. من المهمِّ جداً إخبارُ الطبيب عن كلِّ ما يتناوله المريض من أدوية، سواءٌ تلك التي وُصفت له من قبل طبيب آخر أم التي يتناولها من دون وصفة طبية، وكذلك المكمِّلات العشبية التي يتناولها.
يطلب الطبيبُ إجراءَ بعض الفحوصات بناءً على لون البول وبعض الأعراض الأخرى. وغالباً ما يجري تحليلُ البول لمعرفة ما يحتوي عليه، وما إذا كانت هناك عدوى. وقد يتطلَّب الأمر أيضاً سحبَ عينة دموية لغرض الفحص وتحرِّي ما إذا كان الكبد أو الكلى بحالة جيِّدة.
التصويرُ بالأمواج فوق الصوتية ultrasound هو أحدُ الفحوصات التي قد يرغب الطبيب في إجرائها على المثانة والكلى. وهو وسيلةٌ لرسم صور للأعضاء الداخلية في الجسم، لكي يتمكَّن الطبيبُ من البحث عن أي خلل أو عيب في بنيتها.
الرعاية المنزلية للمريض الذي يعاني من تبدُّل غير طبيعي في لون بوله
بناءً على سبب تغيُّر لون البول، فقد تكون هناك فرصةٌ لاستعادة لونه الطبيعي. يجب على الشخص شرب كمِّية أكثر من السوائل إذا كان السببُ ناجماً عن التجفاف. وأمَّا إذا كان التغيُّر ناتجاً عن تناول بعض الأطعمة، فالأمر سهل هنا، حيث يجب التوقُّفُ عن تناول هذه الأطعمة أو التقليل منها إذا كان تغيُّر اللون يسبِّب القلقَ للشخص.
0 التعليقات: